المستشار القانوني/ د.عادل المقدادي
مكتب د.أحمد سعيد الجهوري للمحاماة والاستشارات القانونية
قد تنحل الشركة لأحد الأسباب الواردة في المادة (14) من قانون الشركات العماني رقم (4) لسنة 1974م والتي تخضع لها جميع الشركات أو قد يكون انحلال الشركة بالاستناد إلى المادة (42) التي تخص شركات الأشخاص فقط.
فإذا انحلت الشركة سواء بتوافر الحالات التي وردت في المادة (14) من قانون الشركات أو المادة (42) من القانون نفسه، ففي هذه الحالة يجب أن يعين لها مصفٍّ لتصفية الشركة، والتصفية تعني مجموعة الإجراءات القانونية التي يقوم بها المصفي لتسوية العلاقات التي نشأت بين الشركة والغير أو بين الشركاء المكونين لها، فيقوم المصفي بحصر موجودات الشركة المنحلة واستيفاء حقوقها زمن ثم تسديد ديونها التي ترتبت في ذمتها أثناء ممارسة نشاطها، وتوزيع ما تبقى من موجوداتها على الشركاء حسب أنصبتهم في رأس مال الشركة.
وسوف نتناول فيما يأتي واجبات المصفي والقيود الواردة عليها وذلك في فرعين على التوالي.
– الفرع الأول: واجبات وصلاحيات المصفي
واجبات المصفي وصلاحياته غالبا ما تحدد في عقد تأسيس الشركة، وفي الأحوال التي يخلو فيها عقد تأسيس الشركة من واجبات المصفي وصلاحياته، وجرى حل الشركة، فإن واجباته وصلاحياته تحدد في قرار تعيين المصفي، وسواء كان تعيينه من قبل الشركاء أو من قبل المحكمة المختصة، بناء على طلب أحد الشركاء فيها، وعلى المصفي، بالاستناد إلى المادة (19) تسجيل القرار الصادر بتعيينه في السجل التجاري ونشر القرار في الجريدة الرسمية والصحف المحلية بالطريقة التي يجرى فيها تسجيل ونشر التعديلات المتعلقة في عقد تأسيس الشركة.
ويقع على المصفي، عند ممارسة أعماله التقيد بواجباته وصلاحياته المحددة في قرار تعيينه، وعليه فلا تكون الأعمال التي قام بها المصفي عند تصفية الشركة نافذة في حق الشركة، إذا كان المصفي قد خرج عند مباشرتها حدود صلاحياته المبينة في قرار تعيينه، وفي هذه الحالة لا تكون الشركة ملزمة بما قام به المصفي من أعمال وإنما يلزم بها المصفي تجاه الغير ممن تعامل مع المصفي.
وفي الأحوال التي لا يوجد فيها تحديد لواجبات وصلاحيات المصفي في قرار تعيينه سواء من قبل الشركاء أو المحكمة عند تعيينه من قبلها، فعلى المصفي في هذه الحالة باعتباره وكيلا عن الشركة أن يقوم بجميع الأعمال التي تقتضيها عملية تصفية الشركة.
وأيا كان الأمر، على المصفي، بالاستناد إلى المادة (20) عند «مباشرة بأعمال التصفية وبالاشتراك مع مراقبي حسابات الشركة أو مديرها، القيام بإعداد قوائم جرد تتضمن تحديد موجودات الشركة وحقوقها وديونها، وللمصفي تنفيذا لهذا الواجب الحق في وضع يده على الدفاتر التجارية للشركة وسجلاتها ومستنداتها وجميع موجودات الشركة، وعليه تسجيل كل ما يتعلق بأعمال التصفية في دفتر يومي خاص، يراعى فيه القواعد المحاسبية المتبعة في الأعمال التجارية مع الاحتفاظ بجميع الدفاتر والسجلات الخاصة بالتصفية ووضعها تحت تصرف الشركاء عندما يطلب منهم ذلك».
وقد نصت على تلك الأحكام المادة (21) من قانون الشركات العماني بالقول: «يقوم المصفون لدى تسلمهم مهامهم بالاشتراك مع مراقبي حسابات الشركة او مديرها ان وجدوا بتحضير جرد بأصول الشركة وديونها يضع المصفون يدهم على دفاتر الشركة وسجلاتها ومستنداتها وموجوداتها ويسجلون أعمال التصفية في دفتر يومي يمسك وفقاً لقواعد المحاسبة المتبعة في التجارة ويحتفظون بجميع الدفاتر والأوراق والسجلات العائدة للتصفية، على المصفين عندما يطلب منهم ذلك، أن يضعوا الدفاتر والأوراق والسجلات العائدة للتصفية تحت تصرف أي شريك في الشركة».
وعلى المصفي عند حصر موجودات الشركة واستيفاء حقوقها المترتبة في ذمة الغير، أن يقوم بسداد الديون المستحقة لدائنيها، أما الديون التي لم يحل اجل ميعاد استحقاقها فيتوجب عليه الاحتفاظ بمبلغها الى أن يحين اجل استحقاقها ومن ثم يجري الوفاء بها لأصحابها، كما يقع عليه الاحتفاظ بديون الشركة المتنازع عليها الى ان يتم تسوية النزاع بشأنها.
ويقع على المصفي تنفيذا لهذا الواجب نشر إعلان في الجريدة الرسمية وأية وسيلة أخرى كالصحف مثلاً، يتضمن دعوة دائني الشركة لتقديم ادعاءاتهم بالحقوق التي ترتبت لهم في ذمة الشركة، ويجب ان يتضمن هذا الإعلان المدة التي تقدم خلالها تلك الادعاءات، على ان تكون في حدود ستة اشهر من تاريخ نشر الإعلان الموجه للدائنين ويجوز للمحكمة المختصة اعتماد مدة اقصر من هذه المدة، كما يجوز للمحكمة بناء على ظروف مقبولة ان تسمح للدائنين الذين تأخروا عن تقديم طلباتهم خلال تلك المدة بتسجيل ادعاءاتهم في اي وقتن بشرط ان تكون تلك الديون قد تم تدوينها قبل توزيع موجودات الشركة الصافية على الشركاء.
ومن واجبات المصفي بناء على حكم المادة (22) تمثيل الشركة أمام المحاكم سواء كانت الشركة مدعية أو مدعى عليها، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للمحافظة على مصالح الشركة أمام هذه المحاكم، ويقع على المصفي بناء على ذلك واجب رفع الدعاوى باسم الشركة على الغير ممن يكون مديناً للشركة للمطالبة بحقوقها، كما يقع على المصفي واجب تمثيل الشركة في الدعاوي التي ترفع عليها من الغير للمطالبة بالديون المترتبة في ذمة الشركة، كما يقوم المصفي بإدارة الأعمال المتعلقة بالتصفية واتخاذ الإجراءات اللازمة لتصفية موجوداتها ووفاء ديونها وإنجاز أعمال الشركة التي كانت قد بدأت قبل انحلال الشركة، وللمصفي حق بيع بعض موجودات الشركة إذا اقتضت ذلك عملية تصفية الشركة، كما لو كان ذلك بقصد الوفاء بديونها.
وقد نصت على الأحكام المتقدمة المادة (22) بالقول: «مع مراعاة أي قيد يفرضه القانون أو أي قيد منصوص عليه في صك تعيين المصفين، يعود لهؤلاء مطلق الصلاحية لتمثيل الشركة وإدارة أعمالها واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتصفية موجوداتها وإيفاء ديونها، وتشمل صلاحية المصفين بصورة خاصة إنجاز أعمال الشركة العالقة وتمثيلها أمام المحاكم بصفة مدعية أو مدعى عليها واتخاذ أي إجراءات للمحافظة على مصالحها ولهم مع مراعاة القيود الواردة في هذه المادة ان يبيعوا موجودات الشركة في سبيل التصفية».
وعلى المصفي بالاستناد إلى المادة (20) الإشارة في الإيصالات والمستندات التي تصدر منه أو الإنذارات التي توجه الى الغير والصادرة بعد حل الشركة الى ان هذه الشركة هي تحت التصفية.
– الفرع الثاني: القيود الواردة على واجبات وصلاحيات المصفي
سلطات المصفي التي يمارسها أثناء فترة التصفية ليست مطلقة إذ إن هناك قيود تضمنتها المادة (23) من قانون الشركات تحد من سلطات المصفي، حيث نصت عليها هذه المادة بالقول “ لا يجوز للمصفين ان يعقدوا أي تسوية مع دائني الشركة، أو أن يقبلوا التحكيم نيابة عنها، أو أن يتخلوا عن أي تأمين أو أي نوع آخر من الضمان يعود للشركة بأقل من كامل قيمته، ولا يجوز لهم أن يبيعوا موجودات الشركة ومشاريعها جملة أو أن يتفرغوا عنها الا بعد الحصول على موافقة الشركاء بالإجماع أو بعد موافقة (المحكمة)، ما لم يقضي صك تعيين المصفين بخلاف ذلك صراحة».
يتضح من حكم المادة المذكورة، بأنه لا يجوز للمصفي إجراء أية تسوية مع دائني الشركة تتعلق بحقوق وموجودات الشركة كما يمتنع على المصفي قبول التحكيم مع الغير نيابة عن الشركة، سواء كان دائناً أو مديناً للشركة، كما لا يجوز للمصفي التخلي عن أي تأمين أو ضمان يعود للشركة بأقل من كامل قيمته، كما يمتنع على المصفي أن يبيعوا موجودات الشركة ومشاريعها جملة واحدة أو أن يتفرغوا عنها، وقيدت المادة (23) المصفي عندما تقتضي عملية التصفية إجراء أيا من التصرفات الواردة في هذه المادة وجوب أخذ موافقة جميع الشركاء في الشركة على ذلك أو موافقة المحكمة المختصة إذا لم يوافق الشركاء على ذلك، ويجوز للمصفي القيام بهذه الأعمال دون اخذ موافقة الشركاء أو المحكمة إذا كان قد تضمن قرار تعيينه نصاً يجبر له القيام بهذه الأعمال دون حاجة لموافقة الشركاء أو المحكمة.
ومن القيود الأخرى التي يتوجب على المصفي مراعاتها عند القيام بتصفية الشركة هي عدم مباشرة أعمال جديدة ولو كانت تقع ضمن نشاط الشركة، باستثناء الأعمال التي كانت قد بدأت بها الشركة قبل انحلالها ولم تتم عملية إنجازها، ذلك لأن المشرع اعترف للشركة بموجب المادة (15) بالشخصية المعنوية بالقدر اللازم لإنجاز التصفية، ثم ان المباشرة بأعمال جديدة للشركة من شأنه أن يطيل أمد الصفية التي يتوجب إنجازها بأقرب وقت لتسوية العلاقات التي نشأت بين الشركة والغير أو بين الشركاء، واستثناء من ذلك أجازات المادة (23) للمصفي مباشرة أعمال جديدة، إذا كانت هذه الأعمال تقتضيها الضرورة لتجنب تحميل الشركة المسؤولية تجاه الغير، كما لو كانت الشركة قد تعاقدت على تزويد منتجات للغير وسلمت جزء منها، فيجوز للمصفي في هذه الحالة تكملة الجزء المتبقي حفاظاً على حقوق الشركة التي قد تكون لدى الغير وتجنب مساءلتها عن عدم تسليم المتبقي من هذه المنتجات.