النتائج التي تترتب على اكتساب
الشركة لذمة مالية مستقلة
عقد الشركة ، يختلف عن العقود الاخرى ، إذ ينشأ عنه شخص معنوي هو الشركة ، وهذه الشركة لا تظهر كشخص معنوي إلا إذا توافرت شروط انشائها الموضوعية والشكلية وتم الاعتراف لها بالشخصية المعنوية بحيث تصبح الشركة شخصياً قانونياً مستقلاً عن الشركاء والمكونين لها . فتكون لها ذمة مالية مستقلة واسم خاص بها , واهلية قانونية وموطن وجنسية كالشخص الطبيعي .
وقد اعترف المشرع العماني بالاستناد الى المادة (3) من قانون الشركات رقم (4) لسنة 1974م لجميع الشركات التجارية بالشخصية المعنوية بإستثناء شركة المحاصة حيث نصت على ذلك بالقول (( فيما عدا شركات المحاصة ، تتمتع جميع الشركات التجارية بالشخصية المعنوية )) .
وسوف نتولى فيما يلي أهم الآثار التي تترتب على اكتساب الشركة الشخصية المعنوية وهي الذمة المالية المستقلة .
يقصد بالذمة المالية للشركة هي مجموعة الاموال والموجودات التي تمتلكها الشركة والتي من خلالها تستطيع شراء كل ما تحتاجه من لوازم وادوات للأعمال المتعلقة بنشاطها كما انه من خلال هذه الاموال تستطيع من تسديد الالتزامات التي تترتب على العقود التي تجريها مع الغير وتتكون الذمة المالية للشركة من الحصص التي يقدمها الشركاء كمشاركة في رأسمال الشركة ومن الارباح التي تحققها من الانشطة التجارية التي تقوم بها اثناء عملها .
والذمة المالية للشركة تعتبر من اهم الآثار التي تترتب على الاعتراف بالشخصية المعنوية للشركة ، حيث تكون هذه الذمة مستقلة عن ذمم الشركاء المكونين لها ، وبدون هذا الفصل بين ذمة الشركة وذمم الشركاء لا تستطيع الشركة من تحقيق اغراضها التي تأسست من اجلها ، وعلى هذا الاساس ، فإن الحصص التي يقدمها الشركاء كنصيب لهم في رأسمال الشركة تكون مملوكة للشركة .
ويترتب على ملكية الشركة لأموالها واستقلالها بالذمة المالية النتائج التالية:
- تعتبر أموال الشركة ملكاً لها ، ويحق لها بناء على ذلك التصرف بهذه الاموال وفقاً لأغراضها التي نشأت من اجلها ، ولا يحق للشركاء التصرف بها باعتبارهم مالكين لهذه الاموال على وجه الشيوع كما لا يجوز للشركاء استرداد حصصهم طالما كانت مستمرة في مزاولة نشاطها ، ولكن يحق للشريك في الشركة في تقاضي الارباح عند تحققها .
- تعتبر أموال الشركة ضماناً لدائنيها وليس لدائني الشركاء ، وبناءً على ذلك لا يحق لدائني الشركاء الشخصيين استيفاء حقوقهم من حصة الشركاء في رأسمال الشركة ، فهذه الحصص المقدمة من الشركاء تكون ملكاً للشركة ومن مجموعها يتكون رأسمال الشركة ، الذي يشكل الضمان العام لدائني الشركة ، فيستوفوا منه حقوقهم التي ترتبت في ذمة الشركة ، فإذا كانت الشركة مدينة للغير ، فحقه يستوفيه من أموالها .
إلا ان المشرع العماني يجيز لدائني الشركاء التنفيذ على نصيب الشركاء من الربح عند تحققه ، كما يجوز لدائني الشركاء عند تصفية الشركة التنفيذ على نصيب الشريك من موجودات الشركة وقد على نصت الاحكام المتقدمة المادة (9) من قانون الشركات بالقول (( لا يجوز للدائنين الشخصيين لأحد الشكاء في شركة تجارية أن يطالبوا بتسديد دينهم من حصة هذا الشريك في رأسمال الشركة ، ولكن لهم لدى حل الشركة أن يطالبوا بتسديد دينهم من حصة هذا الشريك في موجودات الشركة المتبقية بعد تسديد ديونها . يجوز للدائنين الشخصيين لاحد الشركاء في شركة تجارية غير الشركة المساهمة ، أن يطالبوا بتسديد دينهم من نصيب هذا الشريك في أرباح الشركة كما هي محددة في حساب ارباح خسائر الشركة )) وحكم المادة (9) يسري على جميع الشركاء باستثناء الشركة المساهمة ، حيث اجاز المشرع في نفس المادة (9) لدائني الشركاء الشخصيين في الشركة المساهمة استيفاء حقوقهم من حصة كل شريك في الارباح المصرح بها , اضافة لحق الدائنين الشخصيين لاحد المساهمين المطالبة ببيع اسهم هذا المساهم في المزاد العلني واستيفاء حقوقهم من ثمنها مع الاخذ بنظر الاعتبار احكام القانون ونظام الشركة ، وقد نصت على ذلك المادة (9) في شقها الاخير بالقول (( … أما بالنسبة الى الشركة المساهمة فيمكن فقط المطالبة بالتسديد من حصة الشركة في انصبة الارباح المصرح بها . يمكن للدائنين الشخصيين لاحد المساهمين في شركة مساهمة ، فضلاً عن الحقوق المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين ان يطالبوا ببيع أسهم هذا المساهم في المزاد العلني ليستوفوا حقهم من حصيلة البيع ، مع مراعاة احكام القانون ونظام الشركة)) .
- كما يترتب على تمتع الشركة بذمة مالية مستقلة عدم جواز وقوع المقاصة بين ديون الشركاء وديون الشركة ، وبناء على ذلك اذا كان احد الشركاء مديناً لشخص معين وكان هذا الشخص دائناً في نفس الوقت للشركة ، فلا تقع المقاصة في هذه الحالة بين هذين الدينين لاختلاف اشخاص هذه الديون ، ذلك لان المقاصة لا يمكن أن تقع الا بين دينين لا شخاص يكون كل منهما دائن ومدين للآخر ، وفي المثال الذي اوردناه هناك ثلاثة اشخاص هم الشخص الدائن للشريك ، والشريك والشركة ، وشخصية الشريك غير شخصية الشركة ثم أن ذمة الشركة مستقلة عن ذمم الشركاء .
- ومن النتائج الاخرى التي تترتب على استقلال ذمة الشركة بذمة خاصة بها. إن افلاس الشركة كقاعدة عامة لا يؤدي الى افلاس الشركاء ، كما ان افلاس الشركاء لا يؤدي بالضرورة الى افلاس الشركة ، إلا انه في شركات الاشخاص كشركة التضامن مثلاً ، فإن افلاس الشركة يؤدي الى افلاس الشركاء فيها ، وقد نصت المادة (3) من قانون الشركات ، حيث قضت بأنه (( … يؤدي افلاس شركة التضامن الى افلاس كل من الشركاء فيها )) ويطبق نفس الحكم على الشركاء المتضامنين عند افلاس شركة التوصية وذلك بالاستناد الى المادة (47) اخضعت هذه الشركة الى الاحكام التي تطبق على شركات التضامن ومن جانب اخر فإن افلاس الشركاء المتضامنين في هذه الشركات لا يؤدي الى افلاس الشركات وانما يؤدي بالاستناد الى المادة (41) الى انحلالها واسباب افلاس الشركاء عند افلاس هذه الشركات هو المسؤولية الشخصية والتضامنية لهؤلاء الشركاء إذ أنهم يسألون في
جميع اموالهم عن ديون الشركة وعند إفلاس هذه الشركات تكون هناك تفليسة للشركة ، كما تكون لكل شريك تفليسة خاصة به وهذه التفليسات تكون مستقلة عن بعضها حيث تقتصر الشركة على الوفاء بديونها ، أما تفليسة كل شريك فيتزاحم عليها دائن الشركة والدائنون الشخصيون للشركاء .
- واخيرا من نتائج استقلال الشركة بذمتها عن ذمة الشركاء ، إن حصص الشركاء في رأسمال الشركة تكون اموالاً نقدية وان كان البعض منها اموالاً عينية ، اذ ان الحصص العينية التي يقدمها الشركاء للشركة يجري تقييمها بالنقود وتكون جزءاً من ذمتها المالية ولا تكون للشريك الذي قدم حصة عينية سواءً ان كانت اموالاً منقولة او غير منقولة ، سوى دين يترتب في ذمة الشركة بقدر القيمة النقدية لهذه الحصة يخوله حق الحصول على الارباح عند تحقيقها.
المستشار القانوني
د. عادل المقدادي
مكتب د. احمد بن سعيد الجهوري
للمحاماة والاستشارات القانونيـــــة