الشروط القانونية لاعتبار الرصيد موجود لدى المصرف
الشيك باعتباره أداة وفاء تقوم مقام النقود، لذا يشترط عند تحريره من قبل الساحب أن يكون لهذا الشيك رصيد موجود لدى المصرف الذي يوجد فيه حساب الساحب، ويعتبر الرصيد أهم ضمان يعتمد عليه حامل الشيك لاستيفاء قيمة الشيك منه، ونتولى فيما يلي تحديد مفهوم الرصيد ومصادره وشروط وجوده وذلك في فرعين:
الفرع الأول
مفهوم الرصيد ومصادره
يقصد برصيد الشيك، بأنه المقابل النقدي الموجود لدى المصرف والذي يعود للساحب، ومن خلاله يستطيع المصرف وفاء قيمة الشيك للمستفيد، أو هو دين الساحب في ذمة المصرف والذي يتمثل بمبلغ نقدي، حيث يستطيع الساحب من التصرف فيه بالسحب منه، سواء لمصلحته أو للغير عن طريق شيكات يجري سحبها على المصرف، بناء على اتفاق بينه وبين المصرف.
وقد يكون مصدر هذا الرصيد الذي يعود للساحب وديعة نقدية يتم ايداعها من قبله لدى المصرف أو قد يكون هذا الرصيد ناتجا عن بيع أوراق مالية كالأسهم والسندات تعود للساحب، كما قد يكون هذا الرصيد عبارة عن قرض حصل عليه الساحب من المصرف نفسه تم ايداعه في حساب الساحب، أو قد يكون ناتج عن فتح اعتماد للساحب من قبل المصرف ومن ثم جرى وضعه في حسابه الجاري لدى المصرف.
الفرع الثاني
شروط وجود الرصيد
تناولت المادة (526) من قانون التجارة العماني رقم (55) لسنة 1990م بيان الشروط التي يجب توافرها لكي يكون الرصيد موجود ويمكن التصرف فيه عن طريق سحب شيكات من قبل الساحب، فنصت على ذلك بالقول: “لا يجوز إصدار شيك ما لم يكن للساحب لدى المسحوب عليه وقت إنشاء الشيك نقود يستطيع التصرف فيها بموجب شيك طبقا لاتفاق صريح أو ضمني…” يتضح من حكم المادة المذكورة أن مقابل الوفاء أو الرصيد لكي يكون موجودا يجب أن تتوافر فيه الشروط الواردة في المادة (526) اضافة لشروط أخرى، وهذه الشروط هي:
- أن يكون الرصيد مبلغا من النقود
الرصيد كما قلنا سابقا هو دين الساحب في ذمة المصرف، وهذا الدين يجب أن يكون مبلغا من النقود مودعه لدى المصرف في حساب الساحب لكي يستطيع سحب شيكات على حسابه بناء على اتفاق بينه وبين المصرف، لأن الشيك يعتبر أداة وفاء تقوم مقام النقود، ولكي يؤدي الشيك هذه الوظيفة لابد أن يكون الرصيد مبلغا من النقود، حتى يستطيع المصرف من تسديد قيمة مشتريات الساحب والوفاء بالتزاماته عند تحرير الشيكات على المصرف. ولا يعتبر الرصيد موجودا إذا كان للساحب بضاعة أو مجوهرات سبق أن أودعها لدى المصرف، لأن المشرع يشترط بالاستناد الى المادة (526) المذكورة أن يكون الرصيد أو مقابل الوفاء عبارة عن مبلغ من النقود قابل للسحب عليه بموجب شيكات ومثل تلك الأموال لا تعتبر نقود.
- أن يكون الرصيد موجودا وقت إنشاء الشيك
يشترط على الساحب بناء على نص المادة (526) أن يكون لديه رصيد موجود لدى المصرف وقت إنشاء الشيك، أي وقت تحرير الشيك، ذلك لأن الشيك يعتبر أداة وفاء مستحق الدفع بمجرد اطلاع موظف المصرف عليه، وقد يقدم من قبل المستفيد الى المصرف لاستيفاء قيمته فور استلامه من الساحب، لذا يتوجب وجود الرصيد لدى المصرف عند تحرير الشيك، إلا أن الشيك إذا كان محررا بتاريخ لاحق لتاريخ إنشائه، فإنه بالاستناد الى المادة (545) يشترط توافر الرصيد ابتداءًا من التاريخ المحدد له كتاريخ للانشاء، فالمصرف بموجب هذه المادة لا يجبر على وفاء قيمة الشيك المصدر بتاريخ لاحق قبل اليوم المحدد لانشائه.
3.أن يكون الرصيد قابلا للتصرف فيه بموجب شيكات
يقتضي من الساحب عند تحرير الشيك أن يكون رصيده الموجود لدى المصرف قابلا للتصرف فيه بموجب شيكات، بناء على اتفاق صريح أو ضمنى بينه وبين المصرف، وهذا الاتفاق عادة يحصل بين الساحب والمصرف عند فتح الحساب باسم العميل أو بعد ذلك، ويفترض وجود هذا الاتفاق إذا كان المصرف قد سلّم العميل دفتر شيكات عليها اسمه ورقم حسابه. وفي الاحوال التي لا يوجد فيها مثل هذا الاتفاق الذي يخول الساحب بتحرير شيكات على المصرف، فلا يمكن إجبار المصرف على الوفاء بقيمة الشيكات التي تقدم إليه مسحوبة من قبل الساحب، وإن كان للساحب وديعة أو حساب لدى المصرف، وهذه الحالة نادرًا ما تحصل لعدم وجود دفتر شيكات لدى الساحب، لأن هذه الدفاتر لا تصدر من المصرف مالم يكن هناك اتفاق بينه وبين الساحب.
كما يشترط في الرصيد أن يكون محقق الوجود غير ممنوع من التصرف فيه، لكي يستطيع المستفيد الحصول على قيمة الشيك دون عراقيل، فإذا كان الرصيد محل نزاع أو كان معلقا على شرط سواء كان واقفا أو فاسخا، أو كان الرصيد محجوزا بقرار من سلطة قضائية أو إدارية، ففي هذه الحالات لا يعتبر الرصيد موجودا بالنسبة للمستفيد، لأن المصرف لا يستطيع التصرف فيه ولو كان هناك اتفاق بين المصرف والساحب على سحب شيكات على المصرف.
- أن يكون الرصيد كافيا للوفاء بقيمة الشيك
لا يمكن للساحب اصدار شيك للمستفيد، ما لم يكن لديه رصيد نقدي لدى المصرف يغطي على الأقل قيمة الشيك، كما أن المشرع، بالاستناد إلى المواد (565) و(569) من قانون التجارة، يعاقب الساحب الذي يحرر شيكا وليس له رصيد كاف للوفاء بقيمته بعقوبة جزائية تضمنتها المادة (356) من قانون الجزاء العماني رقم (7) لسنة2018م. وعليه يجب أن يكون للساحب عند إصدار الشيك رصيد لدى المصرف مساويا على الأقل قيمة الشيك، إذ لا يعتبر الرصيد موجودا إذا لم يكن للساحب نقود لدى المصرف أو كانت لديه وكانت قيمتها أقل من قيمة الشيك، وقد جرت العادة لدى المصارف على عدم الوفاء بجزء من قيمة الشيك، إذا لم يكن للساحب رصيد كاف لتغطية قيمة الشيك ولو كان ذلك بطلب من المستفيد.
المستشار القانوني
د. عادل علي المقدادي
مكتب د. أحمد سعيد الجهوري
للمحاماة والاستشارات القانونية