عقد البيع التجاري يرتب في ذمة البائع عدداً من الالتزامات تضمنتها المواد (108) لغاية (118) من قانون التجارة العماني رقم (55) لسنة 1990، وهذه الالتزامات هي، نقل ملكية المبيع الى المشتري وتسليم المبيع الى المشتري وضمان العيوب الخفية التي قد تظهر في المبيع بعد تسليمه للمشتري واخيراً ضمان الاستحقاق والتعرض الصادر من الغير، وسوف نتناول في هذا البحث إلتزام البائع بتسليم المبيع الى المشتري، فنحدد مفهوم التسليم وميعاد تسليم المبيع، وآثارأخلال البائع بالتسليم، ثم نتناول كذلك حالة اختلاف المبيع عند التسليم واخيراً نتناول تحديد تبعة هلاك المبيع.
مفهوم عملية التسليـــــم:
عقد البيع التجاري يرتب التزاماً في ذمة البائع، هو وجوب تسليم المشتري الشيء الذي ورد عليه عقد البيع أي المبيع وهذا لايكون الاّ إذا وضع المبيع تحت يد المشتري، وعليه يمكن تعريف التسليم بأنه وضع البائع الشيء المبيع تحت تصرف المشتري، بحيث يستطيع هذا الاخير حيازة هذا المبيع والانتفاع به، وعادة في البيوع التجارية يكون وقت تسلم المبيع مع وقت انتقال ملكية المبيع من البائع الى المشتري.
والتسليم يكون طبقاً للشروط المتفق عليها في العقد بين البائع والمشتري، وعند عدم وجود اتفاق على ذلك، فيكون التسليم وفقاً للشروط التي يحددها العرف.
ولايشترط ان يكون التسليم فعلياً، وإن كان هو الأصل، ولكن يمكن ان يكون التسليم الى المشتري تسليماً رمزياً، وذلك بقيام البائع بتسليم المشتري السند الذي يمثل الشيء المبيع، كما هو الحال في تسليم سند الشحن الذي يمثل البضاعة في البيوع البحرية.
ميعاد تسليم المبيع:
تناولت المادة (114) من قانون التجارة الاحتمالات التي يمكن بموجبها تحديد ميعاد تسليم المبيع وهذه الاحتمالات هي:
- قد يحدد ميعاد تسليم المبيع من قبل الطرفين البائع والمشتري في العقد وبالتالي يتوجب على البائع التقيد بذلك وتسليم المبيع للمشتري في الموعد المحدد بالعقد.
- وإذا لم يكن هناك اتفاق في العقد على ميعاد التسليم فيجب على البائع تسليم المبيع الى المشتري بمجرد ابرام العقد ما لم تقتضي طبيعة العقد أو العرف ميعاد آخر.
- وإذا كان للمبيع موسم معيّن وجب التسليم قبل نهاية الموسم.
- ويجوز الاتفاق بين الطرفين على أن يكون تحديد ميعاد التسليم من حق المشتري، فأذا تم تحديد هذا الميعاد من قبل المشتري، يتوجب على البائع الالتزام بهذا الموعد وتسليم المبيع له، في هذا الميعاد مع مراعاة مايقضي به العرف وطبيعة المبيع.
وإذا لم يلتزم البائع بالتسليم في الميعاد المحدد له، فأنه بالاستناد الى المادة (115) فأن المشرع العُماني، رتب حكماً يقضي باعتبار العقد مفسوخاً دون حاجة الى أعذار، الاّ إذا اخطر المشتري البائع بتمسكه بإستمرار تنفيذ العقد، ولكن يجب ان يكون هذا الاخطار خلال ثلاثة أيام من تاريخ حلول موعد تسليم المبيع.
ويجوز للمشتري بدلاً من ذلك، وفقاً لنص المادة(115)، الحصول على شيء مماثل للمبيع من السوق، وفي هذه الحالة يحق للمشتري أن يطالب البائع بالفرق بين الثمن المتفق عليه في العقد ومادفعه من ثمن أعلى عند شرائه من السوق.
كما أجاز المشرع، للمشتري بالاستناد الى نفس المادة (115) ولو لم يقم بشراء بضاعة مماثلة أن يطالب البائع بالفرق بين الثمن المتفق في العقد وثمن البضاعة في السوق.
إختلاف المبيع أو نقص أو زيادة قيمتــــه:
وفي الاحوال التي يقوم فيها البائع بتسليم بضاعة للمشتري تختلف عن البضاعة المتفق عليها في العقد من حيث الكمية أو الصنف، فأنه بالاستناد الى المادة (116) يحق للمشتري طلب فسخ العقد، إذا بلغ الاختلاف من الجسامة بحيث تكون البضاعة المسلّمة للمشتري غير صالحة للغرض الذي كان يريده المشتري منها، اما إذا لم يكن هذا الاختلاف جسيماً، فيحق للمشتري في حالة اختلاف الكمية أو الصنف، طلب أنقاص الثمن عند نقصان البضاعة أو اختلاف صنفها وللبائع حق طلب زيادة الثمن عند زيادة كميتها المسلمة للمشتري مالم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك. وعلى المشتري ممارسة حقه في طلب الفسخ أو انقاص الثمن خلال سنة من تاريخ التسليم الفعلي للبضاعة وهذه المدة تسري على البائع وعليه ممارسة حقه في طلب زيادة الثمن خلالها والاّ سقط حقه بالتقادم.
تحديد تبعة هلاك المبيع:
تناولت المادة(108) حكماً يقضي بإعتبار العقد مفسوخ، إذا هلك المبيع لدى البائع قبل تسليمه للمشتري ولوكان الهلاك بسبب لايعود الى البائع واعطت الحق للمشتري في هذه الحالة، إسترداد ثمن المبيع إذا كان قد دفعه مقدماً للبائع، وهذا يعني أن تبعه هلاك المبيع قبل التسليم تقع على البائع، اما إذا حصل هلاك المبيع بعد أخطار المشتري بالتسليم ولم يبادر بإستلام المبيع، فأن تبعة الهلاك في هذه الحالة بالاستناد الى نفس المادة(108) تقع على عاتق المشتري.
وإذا كان هناك اتفاق بين البائع والمشتري يقتضي بتسليم المبيع الى الناقل فأن تبعة هلاكه قبل تسليم المبيع الى الناقل تقع على البائع اما إذا قام البائع بتسليم الشيء المبيع الى الناقل المكلّف بنقل المبيع، فأذا هلك المبيع بعد تسليمه الى الناقل، فأن تبعة هلاكه بالاستناد الى المادة (111) تقع على المشتري.
المستشــــار القــــانوني
د. عـــــادل المقـــــــدادي
مكتب د. أحمد بن سعيد الجهوري
للمحامــاة والاستشـــــــارات القانونيـــــة